عندما تُكسَر أجنحة الأطفال
محمد أمين كاراباجاك
يرغب الآباء والأمهات في أن يكون أطفالهم ناجحين دائماً في المدرسة، وأن يدرسوا دون أن يُطلب منهم ذلك، وأن يكونوا الطلبة الأكثر تفوقاً في مدارسهم. ويرغبون أيضاً في أن يروا أبناءهم في الحياة الاجتماعية يتحملون المسؤولية، ويعتمدون على أنفسهم في أداء أعمالهم، ويتمتعون بثقة تامة بالنفس. إن التمني أمر سهل، غير أن تحقيق الأماني يكون في بعض الأحيان أمراً صعباً
أولاً يجب أن لا تتجاوز الأماني طاقة الأطفال ومقدراتهم. إذ يعتقد أغلب الناس أن أطفالهم أذكياء وموهوبون، لكنهم يشتكون في بعض الأحيان حينما يرون أطفالهم لا يدرسون. إن الأطفال-بطبعهم- يميلون منذ نعومة أظفارهم إلى اللعب بكل ما يصادفونه، فذلك أمر ضروري لنموهم العقلي، وأثناء ذلك يتعلمون ما يجب عليهم تجنبه من خلال أوامر الوالدين التي تنهاهم عن لمس هذا الشيء أو اللعب بذاك أو الذهاب إلى مكان ما... لذلك يبتعد الأطفال عن دروسهم، ويتجنبون البحث وتفحص المحيط وتقليب صفحات الكتب، وهكذا فإنهم عندما يكبرون سيتحولون إلى أشخاص يكتفون بالمراقبة وحسبْ، بعد أن يقل لديهم شغف البحث ويعجزون عن معرفة ما يريدون فعله، ويفقدون الرغبة في الدراسة
ثانياً يعمد الآباء إلى وضع الأطفال أمام عدة خيارات لتنمية إحساسهم بالأمان والمسؤولية. وفي حين يعطي الآباء أبنائهم الإحساس بالأمان حتى النهاية في موضوع الدراسة، فإنهم لا يقدمون لهم الدعم والثقة اللازمين فيما يخص إعطاء القرارات وتطبيقها
يجب أن تكون توقعات الأهل من أطفالهم ملائمة لقدراتهم ولطاقاتهم، ويجب تطوير إحساس المسؤولية واحترام الذات لدى الأبناء، لأن الفعل الذي لا يرافقه إحساس الثقة بالنفس كأوراق أشجار الخريف التي تتساقط على الأرض مع أول هبة ريح خفيفة
تنمية الشعور بالمسؤولية
يتربى الأطفال في مجتمعنا عموماً أشخاصاً تابعين، وليس أفراداً يتمتعون بحس المسؤولية. لذلك يكونون تابعين للشخصية المرتبطين بها، ويتخوفون من إقامة علاقات صداقة، ويصبحون انطوائيين غير قادرين على الاعتماد على أنفسهم أو اتخاذ القرارات
لا تقف تدخلات الآباء بأطفالهم عند حدٍّ، فَهُم يتدخلون في كل شيء بدءاً من الأحذية التي ينتعلونها، وليس انتهاء بالمهنة التي سيختارها أبناؤهم مستقبلاً، بل يريدون أيضاً أن يقرروا عوضاً عنهم متى وأين وكيف سيدرسون. ولعل بعض الآباء يرغبون بخوض الامتحانات عوضاً عن أبنائهم إذا سُمح لهم بذلك
وعندما يبلغ الأبناء سنَّاً معينة، يلقي الآباء على مسامعهم عبارات مثل "لقد أصبحتم كباراً لكنكم لا تقومون حتى الآن بعمل أي شيء بدوننا". إن حال الآباء هذا كحال الشخص الذي يطلب من العصفور الطيران بعد كسر جناحَيه
إذا رغبنا برؤية أبنائنا ناجحين في المدرسة وفي المجتمع ينبغي لنا التوقف عن القيام بأعمالهم عوضاً عنهم وعن التفكير بشؤونهم
يجب تشجيع الأبناء على أداء مهام ملائمة لأعمارهم، ومكافأتهم أحياناً تقديراً لجهودهم. ويجب مقارنة الأمس باليوم بدلاً من مقارنة الأطفال بالآخرين، والتركيز على تصرفات الطفل الإيجابية وليس السلبية لتنمية شعوره بالاحترام تجاه ذاته
إلى جانب ذلك يجب
إعطاء الأطفال حق التعبير في النقاشات الأسرية
التركيز على الجوانب الإيجابية وليس السلبية لدى الأطفال، وإبداء ردود الأفعال المناسبة على تصرفاتهم السلبية
أن تكون الآمال المعقودة على الأطفال ملائمة لأعمارهم وقدراتهم
بث روح الشجاعة لدى الأطفال من خلال جعلهم يتحملون مسؤوليات تلائم أعمارهم وقدراتهم
جعل الأطفال يشعرون أنهم ذوو قيمة وأن لهم مكانة لا يستغنى عنها في الأسرة
تجنب إطلاق الأحكام السلبية بحق الأطفال وعدم معاقبتهم بصورة غير ملائمة
تجنب التركيز على صفات الأطفال السلبية أو مقارنتهم بالآخرين باستمرار
تشجيع الأطفال على دخول الأوساط الاجتماعية ولعب دور فيها
تشجيع الأطفال على استقبال الضيوف الذين يزورون المنزل وإعطائهم حق الكلام أمام الضيف
تجنب إبداء ردود أفعال أو انتقادات مبالغ فيها حيال التصرفات السلبية الصادرة عن الأطفال
والخلاصة أنه على الآباء أن يكونوا قدوة لأبنائهم، وأن ينموا إحساسهم بالثقة بالنفس، ويوكلوا إليهم مسؤوليات تناسب مهاراتهم، ويعطوهم دفعات إيجابية