من خِصَال نبي الرحمة
إذا قلَّبنا صفحات التاريخ صفحةً صفحةً، فإننا لن نجد إنسانًا قد عُرِفَت أحواله وحركاته وسكناته بأدق تفاصيلها إلا سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فقد سُجِّلت أفعاله وأقواله وأحاسيسه كلها وقامت في معرض التاريخ الإنساني لوحاتٍ للرفعة والشرف
فحياته صلى الله عليه وسلم أسوة للأجيال كلها حتى تقوم الساعة، ويقول الله سبحانه وتعالى في نبيه الكريم
{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}
وهو ليس معلّما للقرآن لفظا فحسب، بل صلى الله عليه وسلم كان قرآنا يمشي على الأرض
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
«بُعِثتُ لأتمِّمَ حسن الأخلاق»
فعبد الله بن سلام الذي كان من أحبار اليهود ما إن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحاطت به نورانية وجهه صلى الله عليه وسلم وسماحته، فقال شاهدًا بإيمانه به: إن وجهه ليس بوجه كذَّاب
ويحدِّثنا فيقول
«لمّا قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، انجفل الناس قِبَلَهُ، وقيل: قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله ثلاثًا، فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به، أن قال
"يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام"